
ويرفع الستار
وينادي شهريار قائلاً :

شهرزاد أين أنتِ ...

أين أنتِ يا فيلسوفة وفارسة عصركِ ..
أين أنتِ يا ساحرة تذيب من نشيدها بلادة النفوس
أريد أن أكون بداية الأيام حتى أخر الزمان ..
هيا يا شهرزاد أكملي حكاياتكِ
واجعليني أهيم في سحر خيالاتكِ ..
فترد شهرزاد قائلة :

ها أنا أعود يا شهريار ..
لأقص لك حكاية من حكايات الأسطورة
فيها قرأت عن أميرات وفوارس وملوك

..
فيها قرأت عن حكايات الغرام والخلود ..
قرأت عن نبع عند قمة الجبل ... من يستقي من مائه يلقي سعادة الوجود ...
وتنتهي أحزانه .. وتذوب ..

فرد شهريار قائلاً : وما هو تلك النبع يا شهرزاد ..
فردت شهرزاد قائلة : العشق يا مولاي ..

هو من يُنهي الأحزان ويذيب القلوب هيام ...
فرد شهريار قائلاً : شهرزاد ما علينا اكملي ...
فتكمل شهرزاد قائلة : أمرك يا مولاي ..

.
سأقص لك رواية من روايات العشق الخالدة من زمن الأسطورة ...
رواية بطليها هاما بالعشق ... جبالاً وبحورا ...
فاسمعني يا مولاي ....






بلغني أيها الملك السعيد ... ذو الرأي الرشيد ...
كان هناك قصراً لملك الملوك ...

أخذت الموسيقي تعزف أنغاماً حالمة ... والجواري يرقصن ويشدون أنغاماً ساحرة ...
فتدخل فتاة من الجمال ما أعجبه وأروعه ..

فيلقي الأمير عليها نظرةً
فشعر لحظتها كأنها عطرت المكان بسحر يذيب صدره ... يحتويه ... يلف كيانه ...
يدفع به عبر أفق جديد ..

.
عطرها سلب منه روحه وكيانه ...
أخذت تغني الفتاة الفاتنة علي صوت النغم الساحر ...
كان صوتها ترديد للحنً فريد ...

أرسلته إلي السماء الحنون ...
وأخذت صوتها يتردد في مسامع الأمير قائلة :
أبقيني ... كل يوم أقول الجديد ...
أبقيني ... كل يوم أقول الجديد ...

أبقيني ... كل يوم أقول الجديد ...
فلقد قيدت الفتاة تلك الأمير بسحرها وجمالها وصوتها الفتان ...
فلن يري غيرها ... ولن يُسحر بغيرها ...

وفجأةً سكت العزف وسكت الغناء ... وفي زحمة الجواري تختفي الفتاة من القصر ...
فأسرع الأمير من مكانه مهرولاً ... ويصرخ بأعلي صوته قائلاً :
أين هي ... أين ذهبت ...!!
ولكن لن يجدي ندائه بشيء...

فجلس والحيرة تملأ عيناه ... وارتسمت ملامح الكدر والحزن علي وجهه
وأصبح حاله بالحزن يستكين ...
ومرت الليلة ...
والحال هو الحال ...

فسأله الملك ... ما بك يا أمير ؟؟





فرد الأمير قائلاً :

بالأمس امتزج الكون جميعاً في صدري يا والدي الملك ...
أرسلت أغنية متناغمة نشوي رددها عمري ...
بالأمس تراءى الموج لعيني حبيبة ...

عانقت الشاطئ حيث تهاديت ملهوفا ...
أحببت الموج وشط البحر ولثم الحب علي ثغري ...
بالأمس انطلقت كل أحاسيسي شعرا ...

أفرح شعرا ... أحزن شعرا ... أهوى شعرا ... أضحك شعرا ...
أبكي شعرا ... أمرح شعرا ...
ألهو شعرا ...

أنطلق وأرسو في شعري
بالأمس يا والدي الملك افترش الضوء علي مياه الحب المتماوجة ...
وانبعثت أغنية في صدري ...

أغنية ترسلها العاشقة في حبيبها همساً ... فيجيبها ((( أحبكِ )))
غفيت متيم بصوتها ... بسحرها ... بجمالها ... بنغمها ... بهمساتها ..
وددت لو أن يطول النغم للأبد ولا ينقطع وترحل عني ...
وددت بأن أسمعها طوال عمري ...
كي انظم عقداً وأحلى جيد الحب ...

بالأمس لأني كنت أهيم في الحب ...!!!!





وفجأة سكتت شهرزاد عن رواية الحكاية ...
فرد شهريار قائلاً :

شهرزاد ما بكِ ... أكملي باقي الحكاية ... هيا لا تصمتي ...
ماذا بعد أن حكى الأمير لوالده الملك عن تلك الفتاة التي خطفت عقله وسلبت منه قلبه ....
فأكملت شهرزاد قائلة :

الملك يا مولاي كأي ملك عارض هيام الأمير بتلك الفتاة ...
ولكن الأمير الآن أضحي ... وتناسي السهول والجبال والوهاد
وتناسي حتى إنه من سلاسلة الأمجاد ...
و اكتفي بالجلوس علي شاطئ النهر وقت الأصيل
لعله يجدها أو يلمح طيفها ...

فالسفينة سوف تمر وتلقي إليه الكثير والكثير
ما يريد وما لا يريد ....

وبالفعل يا مولاي يلمح الأمير طيف عابر من بعيد ...
نهض مسرعاً يراقب تلك الطيف القادم ...
فختبأ وراء ظهر شجرة فوجد فتاة من الجمال ما أبهره
وجدها تمرح وتلهو مع غيرها من الفتيات علي النهر

لم يشاهد سوي ظهرها وشعرها الذهبي يفترش عليه كضوء الشمس المبهرة
وفجأةً تكشف عن وجهها ... فيجدها ... نعم ... هي ... هي ... هي
هي تلك الفتاة الساحرة التي هاما بها وبفتنة جمالها وعذوبة صوتها ...
فلن يصدق عينيه بأنه أخيراً وجدها ....
جلس يتتبع لعبها ولهوها ....

شاهدها وهي تجلس معهن تغني بصوتها ... فما أروعها وأعذبها ...
وما أسحرها....





*
*
*
تابعوا البقية


بقلم
*
*

تعليق